الشراكة الأوروبية ـ الخليجية: نحو صياغة سبل جديدة للتعاون بين الأقاليم

ملخص: يهدف هذا البحث إلى استكشاف طرق ووسائل ملائمة بهدف تعزيز الشراكة الأوروبية ـ الخليجية، وهو يقترح استراتيجية مستقبلية للعلاقات الأوروبية ـ الخليجية تتجاوز النموذج المتعثر للتعاون حالياً. وينطلق البحث من القول إن اتفاقية التعاون الموقعة في الثمانينيات، والتي تُعد الآن أساس العلاقات الإقليمية بين أوروبا والخليج تُعتبر إطاراً غير كافٍ وغير ملائم لهذه العلاقة. وحتى يحقق الطرفان الإمكانيات التي يوفرها التعاون بينهما عليهما تجديد علاقتهما على أساس شراكة جديدة.
وينبغي ألاّ يعكس هذا التوجه اعتبارات تاريخية وجيوسياسية واستراتيجية وواقع الاعتماد المتبادل والعلاقات المحورية القائمة بين المنطقتين فحسب، بل ينبغي أن يعكس أيضاً الوقائع الجديدة التي ظهرت بعد الحادي عشر من سبتمبر، والحرب على الإرهاب، والعراق بعد صدام حسين، والسياسة الأمريكية تجاه المنطقة. كما ينبغي أن يعالج أيضاً عدم الرضى العميق لدى كلا الجانبين حيال المنفعة الحاصلة من الحوار الجاري وأن يقطع شوطاً طويلاً ليلبي آمالهما وطموحاتهما في علاقة تمنح كل طرف وزنه وأهميته التي يستحقها.
وينبغي أن تنبني الشراكة الأوروبية ـ الخليجية على أركان وبرامج عدة: (1) حوار سياسي واستراتيجي يشمل السلام والأمن الإقليميين، وإيجاد أرضية سياسية مشتركة، والتعاون ضد الإرهاب، والإصلاح، وحقوق الإنسان، وإدارة الحكم الرشيد والممارسة الديمقراطية؛ (2) شراكة اقتصادية تتضمن منطقة تجارية حرة، ومزيداً من تعزيز فرص إقامة المشاريع المشتركة، والتعاون في المجال الصناعي والتكنولوجي والاستثمارات؛ (3) حوار رفيع المستوى في مجال الطاقة والتعاون البيئي؛ (4) تعاون اجتماعي وإنساني يشمل التعليم وتنمية الموارد البشرية وتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة وتبادل الخبرات في مجال المجتمع المدني.
وحتى يتجنب الطرفان المآزق المدفونة في حوارهما السابق، عليهما ألاّ يتسرعا في إطلاق التصريحات الفارغة عن دوافعهما ونواياهما، بل أن يصبّا جهودهما والتزاماتهما الحقيقية على تنفيذ هذه البرامج وإنجازها بنجاح.
وعلى الطرفين أن يتفقا على ميزانيات مشتركة لبرامجهما، وأن يجدا الطرق المناسبة لتمويلها وضمان توفير المال على نحو كافٍ ومناسب. كما ينبغي أن تتضمن الشراكة الجديدة مشاركة عامة من كلا الجانبين لتوفير الزخم اللازم لها وضمان التأييد الشعبي.