أوضح رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبد العزيز بن صقر في لقاء تلفزيوني موسع لقناة TRT عربي التركية، بأن السعودية قد ارتبطت بتركيا بعلاقات تاريخية واستراتيجية وثقافية متينة، زاد نشاطها دبلوماسيا على الصعيد السياسي أو الاقتصادي وكذلك الأمني، ولاسيما من بعد زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان للمملكة العربية السعودية، والتي سعدت السعودية بها لكونها قد مثلت أول زيارة خارجية يقوم بها الرئيس التركي من بعد إعادة انتخابه إلى دولة عربية، وذلك لما لتركيا كدولة إقليمية قوية من أهمية على الصعيد الإقليمي والدولي.
وأبان بأن هذه الزيارة قد حملت في ثناياها مجموعة قضايا مهمة قد يكون الجانب الاقتصادي هو البارز إعلاميا، لاسيما وأن الميزان التجاري بين الخليج وتركيا قبل 20 عاما وفق ما أعلنه الرئيس أردوغان لم تتجاوز المليار دولار، والآن تجاوزنا الـ 23 مليار دولار؛ ومع ذلك فلا يمكن إغفال الجانب السياسي، وجانب ترتيبات الأمن الإقليمي، التي يصعب إخراج تركيا من معادلتها الإقليمية والدولية.
وأشار الدكتور عبد العزيز إلى أن الخليج وتركيا قد انتقلا من حالة التفاهم التقليدي إلى التفاهم الاستراتيجي الذي ينطلق من عدة أبعاد ترتكز على:
- تحديد المصالح، وتحديد التوافقات التي تتم بين الطرفين، بمعنى أن كلا الطرفان يحترمان سياسة كل دولة وأولوياتها، وبالمقابل يحترمان عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي طرف من الأطراف، وهذه قضية أساسية ومهمة في العلاقات الدولية وفي العلاقات فيما بين الدول.
- وجود توافق حول مفهوم التهديدات، حيث هنالك تهديدات نووية، وهنالك تهديدات بحرية موجودة في المنطقة، وكذلك تهديدات إرهابية، وقد عانت تركيا منها كما هو حال دول الخليج، علاوة على تهديدات الجماعات المسلحة غير الحكومية والتي تستخدم السلاح والقوة كوسيلة لبسط النفوذ. هذه قضايا مشتركة فيما بين الجميع. وبالتالي فحين يكون هنالك تفاهم في هذه الجوانب، سينعكس إيجابا في العلاقة الاقتصادية بين الدول نفسها، وهو الأمر الذي ينعكس بالمقابل اقتصاديا على القطاع الخاص ومساهماته والاستثمارات المشتركة والتواجد المشترك فيما بين الجميع.
والمملكة العربية السعودية تدرك القدرات التركية سواء فيما يتعلق بالصناعة العسكرية، أو غيرها، مع إشارته إلى أن السعودية لديها برنامج طموح في الصناعات العسكرية تريد أن تنتقل به من 3% تقريبا إلى ما يقارب الـ 50% من توطين الصناعات في المملكة العربية السعودية. مؤكد بأن الطائرات المسيرة التركية قد أثبتت جدارتها المتميزة في مواقع مختلفة.
كما أشاد رئيس مركز الخليج للأبحاث بالاتفاق العام بين السعودية وتركيا حول الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث يؤكد البلدان على عدم قبول استخدام العنف والقوة لاحتلال أرض الغير، ووحدة الأراضي الأوكرانية، كما ساهم كلاهما في دور الوساطة، فالسعودية ساهمت في إطلاق سراح الرهائن، وتركيا ساهمت في اتفاق الحبوب والقمح، مشيرا في الوقت ذاته إلى حق روسيا في تحقيق مطالبها التي يمكن اختصارها في 3 نقاط أساسية، وهي:
- توفير حدود برية وبحرية آمنة.
- نظام حكم في أوكرانيا تستطيع أن تتعامل معه ولا يمثل تهديدا لها.
- عدم السماح لقوات أجنبية خارجية تمثل تهديدا للأمن الروسي بالتواجد داخل أوكرانيا.
وأبان في محضر حديثه التفصيلي إلى أن أي منظومة أمنية في المنطقة يجب أن تحتوي على 3 ركائز أساسية وهي:
- أن يشارك الجميع بالشمولية فيما يتعلق بمفهوم أمن المنطقة.
- حل المشاكل القائمة، وأهمها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وواضح أن الموقف التركي والسعودي متقاربان جدا في هذا الجانب، حيث يؤكد الموقف السعودي التركي على ضرورة حل الدولتين، وإسرائيل لم تبادر بقبول هذا العرض والذي طرح من عام 2002 كمبادرة عربية، وقد أيدت تركيا المبادرة وترى أنها ضرورة. إذاً فحل الإشكاليات والنزاعات القائمة في المنطقة ضرورة أساسية.
- وجود منظومة ضمانات تحفظ سير الاتفاقيات ومشاركة كافة الأطراف في المنظومة الأمنية، ولا تكفي الهيئة العامة للأمم المتحدة ضمان ذلك لوحدها، ولذلك فهي بحاجة إلى أن تكون أحد الدول الدائمة بمجلس الأمن ضامنا معها، بحكم أن بعض الدول تهتم لعلاقتها مع بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن. مشيرا إلى أن تركيا طرف أساسي لا يمكن استبعاده، ولا يجوز استبعاده من هذه المنظومة، فلها دورها الكبير وموقعها وأهميتها، وأيضا هي عضو في حلف الناتو، وعضو في مجموعة العشرين، وتتوافق مع المملكة ودول الخليج في جوانب كثيرة فيما يتعلق بمفهوم هذا الجانب.
وحول تعزيز الجانب الاقتصادي بين المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي مع الجانب التركي، أشار رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبد العزيز بن صقر إلى أن المركز يزمع عقد منتدى اقتصاديا واسعا في شهر نوفمبر بين الـ11 إلى 13 نوفمبر، وسيشارك فيه جهات مختلفة في دول مجلس التعاون الخليجي وجهات متنوعة في الجانب التركي، وسيركز المنتدى على 7 قطاعات أساسية وهي: قطاع الطاقة، والقطاع المالي والاستثماري، وقطاع السياحة، والصناعة، والزراعة والأغذية وأيضا الدعم والامداد والنقل “Logistics”.