الكاتب: عمار علي حسن |
تاريخ النشر: يوليو، 2004 24 |
الناشر: مركز الخليج للأبحاث |
نوع الإصدار: سياسات عامة |
حجم الملف: 553.34 كلوبايت |
ملخص: إذا كانت وسائط نقل الطاقة في العالم أجمع واقعة تحت تهديد الجماعات الراديكالية المعارضة، سواء كانت يسارية أم إسلامية، في سعيها للوصول إلى أهدافها، على المديين القريب التكتيكي والبعيد الاستراتيجي، فإن الحالة العراقية تبدو الأكثر حرجا في هذا المضمار، بفعل عوامل عدة، تبدأ بمكانة النفط في حزمة الموارد الاقتصادية العراقية لتنتهي باستخدام تفجير أنابيب نقل النفط وسيلة لمقاومة الاحتلال الأمريكي ـ البريطاني، مرورا بتعقد البيئة السياسية العراقية الداخلية ما يجعل النفط هدفا محتملاً بشكل دائم، وكذلك الطبيعة الجغرافية للدولة العراقية التي تجعل حماية هذه الأنابيب من الهجمات عملية صعبة.
وقد شهد العراق حوادث عدة لتفجير الأنابيب، لا يمكن فصلها عن الأوضاع السياسية للعراق، والتي تبين أنه لا يزال مهددا بالإنزلاق إلى حال من التناحر السياسي والعنف الحاد.
هذا السياق السياسي يضع بصمته الثقيلة على النفط العراقي كمورد اقتصادي أساسي، من عدة زوايا، أولاها تعطل عملية التنقيب والاستشكاف بفعل الاضطرابات، وهي مسألة عاني العراق منها كثيرا، حيث عطلت إجراء مسوح جيولوجية، للاستفادة من الإمكانات النفطية العراقية الضخمة، وبما أن البترول يتركز في الجنوب الشيعي والشمال الكردي، مما لا يمكن إغفاله في حسابات التوازن بين الطوائف العراقية الثلاث ، لو سارت الأمور إلى فيدرالية، أو تدهورت إلى تقسيم ثلاثي. فإذا أضيف الموقع التي يتبوأه النفط في الحسابات الأمريكية من احتلال العراق، أو ترتيب الأوضاع حال الانسحاب منه، يمكن تحديد الأسباب التي تقود لتكرار حوادث تفجير أنابيب النفط العراقي.
وتغطي العراق شبكة لنقل الطاقة، أطولها لنقل النفط الخام وتصل إلى 4350 كيلومترا، وثانية لنقل مشتقات النفط يصل طولها إلى 730 كيلومترا، وثالثة لنقل الغاز الطبيعي يربو طولها على 1360 كيلومترا. وبعد شهرين من سقوط بغداد باتت أنابيب النفط ومصافيه وخزاناته الرئيسة وخطوط الغاز الطبيعي هدفا لهجمات متتالية، تتراوح بين التفجير والقصف بقنابل الهاون والصواريخ قصيرة المدى. وامتدت الهجمات إلى محاولات اغتيال بعض العاملين في قطاع النفط.
وفي ضوء الخريطة العامة للمقاومة العراقية، يمكن ترجيح ثلاثة دوافع رئيسة لمهاجمي أنابيب النفط ومنشآته، هي السرقة والابتزاز والتخريب.
وما دام الاحتلال مستمرا في العراق، فإن المنشآت النفطية العراقية ستظل أهدافها للمقاومة، في ظل اقتناعها العميق بأن النفط كان هدفا، في حد ذاته، أو على رأس الأهداف، التي سعت واشنطن وحلفائها إلى تحقيقها من احتلال العراق. ومن ثم فإن ضرب النفط يعني في نظر هؤلاء بساطة حرمان العدو من أحد أهدافه الاستراتيجية.
ومع ذلك ليس هناك ما يضمن الكف عن استهداف تلك المنشآت بعد خروج المحتل، إذ يمكن أن تستمر وسيلة للضغط المتبادل في صراعات داخلية محتملة بين الطوائف العراقية، وحتى لو لم تقم هذه الصراعات، فإن تفجير أنابيب النفط بهدف السطو على كميات منه لبيعها في السوق السوداء، سيظل قائما، إلى أن تستقر أركان الدولة العراقية “الجديدة” تماما، ويكون بوسعها بسط سيطرتها الأمنية على كافة ربوع البلاد.