مركز الخليج للأبحاث

الخليج والعلاقات الأوروبية ـ الأمريكية

image_pdfimage_print
الكاتب: ف.جريجوري غوز الثالث
تاريخ النشر: يناير، 2004 6
الناشر: مركز الخليج للأبحاث
نوع الإصدار: أوراق فعاليات مركز الخليج للأبحاث

ملخص: أخذت الخلافات في النهج تجاه قضايا منطقة الخليج العربي تمثل نقطة رئيسية في النـزاع بين الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي. وتعكس هذه الاختلافات عمليات تغيير أكبر طرأت على حلف شمال الأطلسي منذ نهاية الحرب الباردة، إذ أخذ الاتحاد الأوروبي يظهر على شكل كتلة اقتصادية تزداد اتحاداً وتتصرف على أساس أنها لاعب إقليمي واحد ضمن منظومة الاقتصاد العالمي. كما أنه أخذ يصبح منافساً رئيسياً للولايات المتحدة في قضايا التجارة والاستثمار مع دول الخليج. أما في ما يخص قضايا الأمن، فلم يحقق الاتحاد الأوروبي ذلك المستوى من التماسك الداخلي. فقد حظيت الولايات المتحدة بدعم عدد من حكومات الاتحاد الأوروبي المهمة في حربها الأخيرة على العراق، على الرغم من أن فرنسا وألمانيا أعلنتا بقوة موقفهما المعارض لسياسة واشنطن. وستتابع واشنطن سعيها إلى إقامة علاقات أمن ثنائية مع الدول الأوروبية بشأن قضايا الخليج، وذلك انطلاقاً من رغبتها في الحيلولة دون برور منافس أوروبي موحد في قضايا الخليج الاستراتيجية.
أما على الجبهة الاقتصادية، فقد أخذ الاتحاد الأوروبي يبرز كمنافس تجاري رئيسي للولايات المتحدة في منطقة الخليج. وقد كان لكل من واشنطن وبروكسل وجهتا نظر مختلفتان تماماً في كيفية التعامل مع إيران لمدة تزيد على عقد من الزمن. وقد حققت الشركات الأوروبية امتيازات على حساب الشركات الأمريكية في إيران. وفي العراق الجديد يبقى الأمر رهناً بالكيفية التي ستتطور بها الفرص التجارية. لكن سلطات الاحتلال الأمريكي أكدت بوضوح أنها ما دام بيدها مقاليد الأمور في العراق فإن شركات دول الائتلاف ستكون لها الأولوية (مما يشمل عدداً من الدول الأوروبية، لكنه بالتأكيد يستثني فرنسا وألمانيا). أما في دول الخليج فقد بدأ الاتحاد الأوروبي يغزو أسواقاً وقطاعات هامة، كانت لأكثر من عقد من الزمن، شبه محتكرة من قبل الشركات الأمريكية. ومع انسحاب الشركات الأمريكية من مبادرة الغاز السعودية في صيف عام 2003، تعهدت شركتا توتال وشل (مع شركة أرامكو السعودية) بتنفيذ استثمار كبير في مجال الغاز في المملكة. وها هي ذي ايرباص تأخذ أعمالاً من خطوط الطيران في دول الخليج الصغرى التي ما كانت لتفعل ذلك قبل عشر سنوات، وإنما كانت ستقصد شركة بوينغ. وفي خريف عام 2003 وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية تجارية كبيرة مع السعودية، مهدت الطريق لدخول السعودية إلى منظمة التجارة العالمية. وما زال على السعودية أن تتوصل إلى اتفاقية مشابهة مع الولايات المتحدة لتتجاوز العقبة الأخيرة للدخول إلى منظمة التجارة. وبالتأكيد ليست الشركات الأمريكية غائبة عن قطاعات التجارة والطاقة في منطقة الخليج، ويتمثل مثال واحد على ذلك في العرض الذي تقدمت به إكسون/ موبيل لاستثمار بقيمة خمسة عشر مليار دولار في قطاع الغاز الطبيعي القطري، وقد تم الإعلان عنه في عام 2003، لكن الشركات الأوروبية والاتحاد الأوروبي ككيان واحد يتحركان ضمن إطار من التنسيق المحكم لتحدي الولايات المتحدة في أسواق الخليج.
غير أن الاتحاد الأوروبي غير قادر على مجاراة الولايات المتحدة في توفير الأمن لدول الخليج. فهو لا يملك القوة العسكرية للقيام بذلك، وليست لديه سياسة موحدة بما يكفي في الشؤون الأمنية تمكِّنه من اتخاذ موقف مشترك حتى لو امتلك تلك القوة السياسية. والدولة الأوروبية التي تملك القوة الأكبر على توجيه قوتها نحو الخليج هي بريطانيا، وهي لا تزال تربط سياسات أمنها الإقليمي بسياسة الولايات المتحدة. وما دامت لندن وغيرها من العواصم مثل روما ومدريد تسير خلف القيادة الأمريكية في ما يتعلق بشؤون أمن منطقة الخليج، فسيكون من المستحيل على الاتحاد الأوروبي تحدي العلاقة الأمنية بين دول الخليج والولايات المتحدة. وعلى هذا ستعمل واشنطن على ضمان الاحتفاظ بدورها الأمني في الخليج، لكونه يمثل عصباً رئيسياً تستمد منه هيمنتها العالمية سياسياً وعسكرياً.

Scroll to Top