الكاتب: توبي دودج |
تاريخ النشر: فبراير، 2003 1 |
الناشر: مركز الخليج للأبحاث |
نوع الإصدار: أوراق فعاليات مركز الخليج للأبحاث |
ملخص: يبدو أن الحرب التي تزمع الولايات المتحدة قيادتها على حكومة العراق في مارس 2003 تكاد تكون أمراً محتوماً. وليس هناك من طريقة يمكن أن تجنب العراق غزواً أمريكياً على نطاق واسع قبل مارس إلا إذا قام قسم من الحرس الجمهوري بتنفيذ انقلاب استباقي، أو أن يموت الرئيس العراقي صدام حسين أو أن توافق الحكومة العراقية على مطالب الأمم المتحدة بتدمير ما تبقى لديها من أسلحة دمار شامل تحت رقابة مفتشي الأمم المتحدة. وبسبب تضافر أسباب مختلفة عدة لا يبدو أي من هذه الخيارات أمراً محتمل الوقوع. ويتمثل الحل البديل في شن غارات جوية قصيرة، لكنها مكثفة يمكن أن تصل لمدة ثلاثة أسابيع، يتبعها غزو بواسطة قوات يصل تعدادها إلى 350 ألف جندي عن طريق الكويت وتركيا. وستتوقف سيناريوهات نتائج مثل هذا الغزو بشكل حاسم على مدى السيطرة العسكرية الأمريكية عند توقف القتال. إضافة إلى ذلك، سيكون لسرعة انهيار القوات العسكرية العراقية وحجم الإصابات بين المدنيين العراقيين، وقدرة القوات الغازية على فرض القانون والنظام على كامل البلاد وطريقة القوات الأمريكية ومدى التزامها بإعادة بناء الدولة، كل ذلك سيكون له تأثير في مدى استقرار العراق بعد الإطاحة بنظام صدام.
ولقد هيمنت على السياسة العراقية منذ نشوء الدولة في أعقاب الحرب العالمية الأولى، أربع مشاكل بنيوية متداخلة. تتمثل أولى هذه المشاكل في استخدام مستويات متطرفة من العنف المنظم من قبل أجهزة الدولة للسيطرة على المجتمع وتشكيله، وثانيتها استخدام موارد الدولة: الوظائف والمعونات التنموية والمحسوبية لشراء ولاء بعض قطاعات المجتمع، وثالثتها استخدام مؤسسة الدولة لعائدات النفط لتوسيع دائرة استقلالها وسيطرتها على المجتمع، وأخيراً قيام الدولة بمفاقمة (وفي أغلب الأحيان إعادة إنتاج) الانقسامات الطائفية والعرقية داخل المجتمع العراقي كاستراتيجية للحكم. ولقد غذت هذه المشاكل المتداخلة عدم شرعية مؤسسة الدولة داخلياً، واتجاهها إلى تبني سياسة المغامرات العسكرية خارج حدودها، بل وسعي النظام الحالي إلى امتلاك أسلحة الدمار الشامل.
وإذا نظرنا إلى صدام حسين في ضوء هذا السياق نراه لا يُعتبر سبباً لثقافة العراق السياسية العنفية أو لوضع العراق باعتباره منبعاً لعدم الاستقرار في المنطقة بقدر ما هو عرض، على قوته وشدة احتماله، لديناميكيات طويلة الأمد تبدو أشد عمقاً في بنية العراق الاجتماعية السياسية. ويتوقف مدى إمكانية تجاوز هذه الديناميكيات على درجة وطبيعة النفوذ الخارجي في أعقاب تغيير النظام. ويتوقف هذا بدوره على الطريقة التي ستُشن بها الحرب القادمة.