تقييم النوعية في التعليم العالي

تعتمد نوعية التعليم العالي على فعالية الأنظمة الداخلية المتوفرة لمراقبة أداء المنهج التعليمي في مراحل تطبيقه وقدرة هذه الأنظمة على أخذ الإجراءات الضرورية من أجل تصحيح هذا المنهج وتحسينه. وبحسب مشروع يرعاه المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية في الدول العربية من أجل تحسين التعليم العالي فيها، والذي يشمل عنصراً مرتبطاً بتقييم نوعية تعليم المواد العلمية، لا يزال مؤشر النوعية العام للجامعات المشاركة في البرنامج أدنى من المعدل.

ويبدو من الضروري معالجة المعايير الأكاديمية لهذه الجامعات لترتقي إلى مستوى المعايير الدولية الموصى بها. وتشمل هذه المعايير تصميم المنهج التعليمي ودقة وسائل تقييم أداء الطالب وتطور الطالب وإنجازاته بالإضافة إلى وسائل التعليم والتعلّم أو توفر الفرص التعليمية.

حاجة متزايدة للتعليم والتدريب المناسبين

يظهر تفاوت واضح بين رأس المال البشري والبنى التحتية والاستثمارات التي أنجزت في دول مجلس التعاون الخليجي. ويبرز هذا التفاوت بشكل خاص بين مخرجات التعليم العالي من ناحية، والقطاع الصناعي من ناحية أخرى، ما ينعكس شحاً في المهارات والمؤهلات المناسبة. كما أن القطاعات الصناعية في هذه الدول تفتقر لمختبرات بحث وتطوير تسهل التعاون مع الجامعات وإلى آليات تمول هذا التعاون.

ويمكن سد هذه النقص في التعاون والتواصل بين الجامعات ومختبرات البحث والتطوير والقطاعات الصناعية من خلال دمج أساليب تعليمية ديناميكية تتخذ من المشاكل الصناعية إطار عمل لها لتعليم الطلاب أساليب حل هذه المشاكل. ويمكن تصميم برامج تعليمية، بمساعدة قطاع الصناعة، تهدف إلى إدراج مهارات جديدة في المنهج التعليمي مع التركيز على الفعالية والإنتاجية.
وتبرز بشكل عام الحاجة إلى دعم برامج تحفز مساهمة الشباب في دول مجلس التعاون في التخطيط للمستقبل الصناعي. ومن أجل تحقيق ذلك، لا يكفي أن يحظى الشباب بالتدريب، بل يجب توظيفه في المؤسسات المسؤولة عن ابتكار وتصميم وبناء ما تحتاجه هذه الدول. وفي الواقع، فإن من مصلحة الشركات الوطنية والدولية التي تملك قسماً مخصصاً للبحث والتطوير في المنطقة أن تشارك في مهمة الجامعات ومراكز الأبحاث الأكاديمية لضمان تطابق الابتكارات ومهارات خريجي الجامعات مع حاجات النمو الاقتصادي في البلد بشكل عام، وفي الشركة المعنية بشكل خاص.

و في هذا الإطار، يهدف برنامج مركز الخليج للأبحاث “التعليم العلمي والتنمية البشرية” إلى المساعدة على تحسين التعليم العلمي من خلال التعاون بين الجامعات ومن خلال التعاون بين العلماء والقطاعات الصناعية. وترمي مواضيع المركز في الفعاليات المتعلقة بشبكات العلوم والتكنولوجيا ومنتدى الابتكار إلى تعزيز مشاركة الصناعة في برامج الأبحاث الأكاديمية ومشاركة المراكز الأكاديمية في أنشطة البحث والتطوير ، ليركز بالتالي على روح الابتكار وتعزيز الإنتاج. والهدف هنا هو تصويب التباين بين العرض والطلب على المهارات التقنية وتشجيع القطاعات الصناعية على إيجاد فرص عمل وتدريب خريجي الجامعات حتى يكتسبوا المهارات المطلوبة.